فصل: قال الأخفش:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله: {وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَاعْتَزِلُونِ}.
يقول: فاتركون لا علىّ، ولا لى.
{فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هؤلاء قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ}.
وقوله: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هؤلاء قَوْمٌ}.
تفتح (أنَّ)، ولوأضمرت القول فكسرتها لكان صوابا.
{وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهوا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ}.
وقوله: {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهوا}.
يقول: ساكنا، قال: وأنشدنى أبوثروان:
كأنما أهلُ حجر ينظرون مَتى ** يَرَونَنى خارجًا طير تَنَادِيد

طيرٌ رأَتْ بازيًا نَضْخُ الدماءِ به ** أوأمةٌ خرجَتْ رهوا إلى عيد

{وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ كَذَلِكَ وأورثناها قَوْمًا آخرين فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ}.
وقوله: {وَمَقَامٍ كَرِيمٍ}.
يقال: منازل حسنة، ويقال: المنابر.
حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال: حدثنى أبوشعيب عن منصور ابن المعتمر عن المنهال بن عمروعن سعيد بن جبير في قوله: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ} قال: يبكى علىالمؤمن من الأرض مصلاَّه، ويبكى عليه من السماء مصعد عمله.
قال الفراء: وكذلك ذكره حبان عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس.
{ولقد نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ}.
وقوله: {مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ} وفى حرف عبدالله: {مِنْ عَذَابِ المُهِين}.
وهذا مما أضيف إلى نفسه لاختلاف الاسمين مثل قوله: {و لدَارُ الآخرة خيرٌ}. مثل قوله: {وذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} وهى في قراءة عبدالله: {وذلك الدينُ القَيِّمَةُ}.
{وَآتيناهم مِّنَ الآيات مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ}.
وقوله: {وَآتيناهم مِّنَ الآيات مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ}.
يريد: نعم مبيِّنة، منها: أن أنجاهم من ال فرعون، وظللهم بالغمام، وأنزل عليهم المنَّ والسلوى، وهو كما تقول للرجل: إن بلائى عندك لحسن، وقد قيل فيهما: إن البلاء عذاب، وكلٌّ صواب.
{فَأْتُواْ بِآبائنا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}.
وقوله: {فَأْتُواْ بِآبائنا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}.
يخاطبون النبى- صلى الله عليه- وحده، وهو كقوله: {يا أيُّها النَّبىُّ إذا طلَّقتُمُ النِّساءَ} في كثير من كلام العرب، أن تجمع العرب فعل الواحد، منه قول الله عز وجل: {قال رَبِّ أرْجِعونِ}.
{مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ ولاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}.
وقوله: {إِلاَّ بِالْحَقِّ}.
يريد: للحق.
{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ}.
وقوله: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ}.
يريد: الأولين والآخرين، ولونصب {مِيقَاتُهم} لكان صوابًا يجعل اليوم صفة، قال: أنشدنى بعضهم:
لوكنت أعلم أنّ آخر عهدكم ** يوم الرحيل فعلت ما لم أفعل

فنصب: يوم الرحيل، على أنه صفة.
{إِلاَّ مَن رَّحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هو العَزِيزُ الرَّحِيمُ}.
وقوله: {إِلاَّ مَن رَّحِمَ اللَّهُ}.
فإن المؤمنين يشفّع بعضهم في بعض، فإِن شئت فاجعل- من- في موضع رفع، كأنك قلت: لا يقوم أحد إلا فلان، وإن شئت جعلته نصبا على الاستثناء والأنقطاع عن أول الكلام تريد: اللهم إلاَّ من رحمت.
{طَعَامُ الأثيم}.
وقوله: {طَعَامُ الأثيم}.
يريد: الفاجر.
{كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ}.
وقوله: {كَالْمُهْلِ تَغْلِي}.
قرأها كثير من أصحاب عبدالله: {تغلي}، وقد ذُكرت عن عبدالله، وقرأها أهل المدينة كذلك، وقرأها الحسن {يغلي}. جعلها للطعام أوللمهل، ومن أنثها ذهب إلى تأنيث الشجرة.
ومثله قوله: {أَمَنَةً نُعاسًا} تغشى ويغشى؛ فالتذكير للنعاس، والتأنيث للأمَنَة، ومثله: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَّنِىٍّ تُمْنَى} التأنيث للنطفة، والتذكير من المنى.
{خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ}.
وقوله: {فَاعْتِلُوهُ}.
قرأها بالكسر عاصم والأعمش، وقرأها أهل المدينة: {فاعتلُوه}. بضم التاء.
{ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}.
وقوله: {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}.
قرأها القراء بكسر الألف حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال: حدثنى شيخ عن حجر عن أبى قتادة الأنصارى عن أبيه قال: سمعت الحسن بن على بن أبى طالب على المنبر يقول: {ذُقْ أَنك} بفتح الألف. والمعنى في فتحها: ذق بهذا القول الذى قلته في الدنيا، ومن كسر حكى قوله، وذلك أن أبا جهل لقى النبى- صلى الله عليه- قال: فأخذه النبى صلى الله عليه فهزه، ثم قال له: «أولى لك يا أبا جهل أولى» فأنزلها الله كما قالها النبى صلى الله عليه. ورد عليه أبو جهل، فقال: والله ما تقدر أنت ولا ربك علىَّ، إنى لأكرم أهل الوادى على قومه، وأعزُّهم؛ فنزلت كما قالها قال: فمعناه- فميا نرى والله أعلم-: انه توبيخ أى بـ: ذق فإنك كريم كما زعمت. ولست كذلك.
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ}.
وقوله: {فِي مَقَامٍ أَمِينٍ}.
قرأها الحسن والأعمش وعاصم: {مَقامٍ}، وقرأها أهل المدينة {فى مُقام} بضم الميم. والمَقام بفتح الميم أجود في العربية؛ لأنه المكان، والمُقام: الإقامة وكلٌّ صواب.
{كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ}.
وقوله: {وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ}.
وفى قراءة عبدالله: {وَأَمْدَدْناهُمْ بِعِيسٍ عِين}، والعيساء: البيضاء. والحوراء كذلك.
{لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأولى ووقاهم عَذَابَ الْجَحِيمِ فَضْلًا مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هو الفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
وقوله: {لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأولى}.
يقول القائل: كيف استثنى موتا في الدنيا قد مضى من موت الآخرة، فهذا مثل قوله: {و لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ اباؤُكم من النِّساءِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ} فإلاّ في هذا لموضع بمنزلة سوى، كأنه قال: لا تنكحوا، لا تفعلوا سوى ما قد فعل اباؤكم، كذلك قوله: {لا يذُوقون فيها الموتَ}. سوى الموتة الأولى، ومثله: {خالدِينَ فيها ما دَامتِ السّماوَاتُ والأرضُ إِلا مَا شَاءَ ربُّك} أى سوى ما شاء ربك لهم من الزيادة على مقدار الدنيا من الخلود. وأنت قائل في الكلام: لك عندى ألفٌ إِلاَّ ما لَكَ من قِبَل فلان، ومعناه: سوى مالك علىّ من قِبَل فلان، وإلا تكون على أنها حطٌّ مما قبلها وزيادة عليها فما ذكرناه لك من هذه الآيات فهو زيادة على ما قبل إلا، والحط مما قبلَ إلا قولك: هؤلاء ألفٌ إلاَّ مائًة فمعنى هذه ألف ينقصون مائة.
وقوله: {ووقاهم عَذَابَ الْجَحِيمِ فضلًا}.
أى فعله تفضلا منه، وهو مَّما لوجاء رفعا لكان صوابا أى: ذلك فضل من ربك. اهـ.

.قال بيان الحق الغزنوي:

سورة الدخان:
{إنا أنزلناه في ليلة مباركة} [3] أي: ابتداء إنزاله فيها.
{بدخان مبين} [10] كان النبي صلى الله عليه قال: «اللهم اشدد وطأتك على مضر، فأجدبوا وصاروا يرون بالجوع بينهم وبين السماء دخانًا».
{أنى لهم الذكرى} [13] أي: أنى لهم التذكر.
{وقد جاءهم رسو ل} فكذبوه.
{البطشة الكبرى} [16] يوم القيامة عن ابن عباس. ويوم بدر عن ابن مسعود.
{وأن لا تعلوا على الله} [19] لا تستكبروا عن أمره.
{فما بكت عليهم السماء والأرض} [29] أي: لم يلحق- بفقدهم- شيئًا من ذلك خلل ولا نقص، كما قال النابغة في ضده:
بكى حارث الجو لأن من هلك ربه ** وجو لأن منه خاشع متضائل

واب مضلوه بعين سخينة ** وغودر بالجو لأن حزم ونائل

{ما فيه بلاء مبين} [33] إحسان ونعمة، كما قال أوس بن حجر:
لعمرك ما ملت ثواء ثويها ** حليمة إذ ألقي مراسي مقعد

وقد غبرت شهري ربيع كليهما ** بحمل البلايا والخباء الممدد.

{فأتوا بآبائنا} [36] لم يجابوا فيه، لأن النشأة الآخرة للجزاء لا لإعادة التكليف.
{وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين} [38] أي: لوبطل الجزاء على الأعمال، لكان الخلق أشبه شيء باللهو واللعب.
{فاعتلوه} [47] ادفعوه بشدة وعنف. والعتل: أن يأخذ بمجامع ثوب الإنسان عند صدره حتى يميل من شدة الجذب، وعنف الأخذ عنقه يجره على ذلك. وضم التاء فيه لغة إلا أن الكسر أشهر.
تمت سورة الدخان. اهـ.

.قال الأخفش:

سورة الدخان:
{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِّنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هو السميع الْعَلِيمُ}.
قال: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} {أَمْرًا} وقال: {رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ} وانتصابه على (إنَّا أَنْزَلْنَاهُ أَمْرًا وَرَحْمَةً) في الحال.
{إِلاَّ مَن رَّحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هو العَزِيزُ الرَّحِيمُ}.
وقال: {إِلاَّ مَن رَّحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هو} فجعله بدلا من الاسم المضمر في {يُنصَرُونَ} [41] وان شئت جعلته مبتدأ. واضمرت خبره تريد (إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ فَيُغْنِي عَنْه).
{كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ}.
وقال: {وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ} يقول- والله أعلم- (جَعَلْنَاهُم أَزْواَجًا بالحور) ومن العرب من يقول (عين حير). اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة الدخان مكية كلها.
4- {يُفْرَقُ} أي يفصل.
10- {يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ} أي بجدب، يقال: (إن الجائع فيه كان يرى بينه وبين السماء دخانا، من شدة الجوع).
ويقال: (بل قيل للجوع: دخان ليبس الأرض في سنة الجدب، وانقطاع النبات، وارتفاع الغبار. فشبه ما يرتفع منه بالدخان. كما قيل لسنة المجاعة: غبراء، وقيل: جوع اغبر، وربما وضعت العرب الدخان موضع الشر إذا علا، فيقولون: كان بيننا امر ارتفع له دخان).
15- {إِنَّكُمْ عائِدُونَ} إلى شرككم. ويقال: إلى الآخرة.
16- {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى} يعني: يوم بدر.
20- {عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ} أي تقتلون.
21- {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ} أي دعوني كفافا لا عليّ ولا لي.
24- {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهوا} أي ساكنا.
29- {فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ} مبين في كتاب (تأويل المشكل).
33- {وآتيناهم مِنَ الآيات ما فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ} أي نعم بينة عظام.
35- {وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ} أي بمحيين.
41- {يَوْمَ لا يُغْنِي مولى عَنْ مولى شَيْئًا} أي ولي عن وليه بالقرابة أو غيرها.
44- {طَعامُ الأثيم} أي طعام الفاجر.
45- {كَالْمُهْلِ} قد تقدم تفسيره.
46- و{الْحَمِيمِ}: الماء الحار.
47- {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ}، وتقرأ: {واعتلوه} {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ}، أي فردوه بالعنف. وتقرأ:
{فَاعْتِلُوهُ}، يقال: جيء بفلأن يعتل إلى السلطان، أي يقاد. إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ وسط النار.
أي يقاد. إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ وسط النار.
53- و(الإستبرق): ما غلظ من الديباج. و(السندس): ما رق منه.
54- {كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ أي} قرناهم بهن.
- وقوله: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الأولى}، مبين في كتاب (تأويل المشكل).
59- {فَارْتَقِبْ} أي انتظر، {إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ} أي منتظرون. اهـ.

.قال الغزنوي:

سورة الدخان:
3 {إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ}: أي ليلة القدر. أي: ابتداء إنزاله فيها.
4 {أَمْرٍ حَكِيمٍ}: أمر فيه حكمة.
5 {أَمْرًا مِنْ عِنْدِنا}: نصب {أَمْرًا}، و{رَحْمَةً} على الحال، أي: إنا أنزلناه آمرين أمرا وراحمين رحمة.
10 {بِدُخانٍ}: أي: الظلمة التي تغشى الأبصار للجوع، حين دعا على قريش.
13 {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى}: أي: التذكر.
{وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُو ل}: فكذبوه.
16 {الْبَطْشَةَ الْكُبْرى}: يوم القيامة. وقيل: يوم بدر.
19 {وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ}: لا تستكبروا عن أمره، أولا تطغوا بافتراء الكذب عليه.